منحى النظم وتكنولوجيا التعليم
فيما سبق ألقينا الضوء على مفهوم تكنولوجيا التعليم وقمنا بتوضيح بداياته ومراحل تطوره وأثر هذا النوع من التكنولوجيا على التعليم. وفي هذا الجزء سنتطرق إلى منحى النطم وأثره على تكنولوجيا التعليم وكذلك على عملية التعلم إضافة إلى الدور الذي يلعبه منحى النظم في عملية التصميم التعليمي.
النظام
قبل الدخول في نظرية النظام ومعنى النظم لابد من التعرف أولا على مفهوم النظام. لنأخذ السيارة كمثال على النظام. السيارة عبارة عن عدة مكونات أو أجزاء لكل جزء وظيفة محددة يقوم بها. فالمكابح وظيفتها كبح جماح السيارة وتخفيف سرعتها والتوقف في الوقت المناسب عندما تقتضي الضرورة لذلك. وجهاز التكييف يقوم بتعديل درجة الحرارة داخل السيارة بالشكل المقبول وكذلك الإنارة في السيارة وباختلاف أنواعها تقوم بوظائف محددة مثل إنارة الطريق وتحديد وجهة السير وينطبق الأمر على باقي أجزاء السيارة. ولكي تعمل هذه السيارة بصورة مرضية وآمنه لابد من أن تعمل جميع أجزاءها (عناصرها/مكوناتها) بشكل طبيعي وبالصورة التي صممت هذه الأجزاء من أجله. إن السيارة نظام يتكون من أجزاء كل جزء يقوم بوظيفة محددة وعند تكامل عمل هذه الأجزاء بالشكل الصحيح فإن هذا النظام (أي السيارة) يؤدي عمله بشكل صحيح أيضا وإذا حدث خلل في جزء من هذه الأجزاء فإنه قد يؤثر على عمل السيارة برمتها وقد يؤدي ذلك إلى تدني مستوى الأمان والسلامة عند استخدامها وبالتالي التأثير سلبا على أداء المهمة التي صنعت من أجلها.
ولتوضيح تداخل عمل الأجزاء في النظام لنعد إلى مثالنا السيارة، فالإشارة الضوئية الجانبية تحدد مسار هذه السيارة فإذا أردنا الإنعطاف يمينا ولكي تتم عملية الإنعطاف هذه بصورة سليمة لابد من أن تقوم المكابح بتهدئة سرعة السيارة ويقوم المقود بإدارة إتجاه العجلات نحو الجهة المطلوبة وعليه فإن هذه الإجزاء من مكونات السيارة قد عملت بشكل منفرد ولكنه متداخل لإتمام عملية الإنعطاف بصورة آمنة وناجحة. من هنا نستطيع القول ان النظام عبارة عن مجموعة من العناصر أو المكونات التي لكل منها العمل الذي تقوم به بشكل متداخل من أجل قيام هذا النظام بعمل محدد أنيط به.
منحى النظم
تعتبر نظرية النظام من النظريات المتداخلة في تكنولوجيا التعليم وقد حظيت بإهتمام
كبير على مستويي النظرية والتطبيق من خلال منحى (طريقة أو أسلوب) النظم. فقد أسهم
هذا المنحى إسهامات كبيرة فيما يتعلق بالتصميم التعليمي وهناك العديد من الرواد في
هذا المجال نذكر منهم بانثي وسلفيرن وجلاسر وفن وكذلك كرترز. وهذا الإخير طبق
مباديء النظام في المنهاج والمواد التعليمية التي طورها. أما فن فقد طبق مفهوم
النظم في تخطيط التدريس والتدريس نفسه وأكد على أهمية أنظمة التعليم الآلية.
وفيما يتعلق بمساهمات سلفيرن في هذا المجال فقد تمثلت في عمليات التحليل والجمع في
التطبيق في العمل والمدرسة وقد استخدم الطرق الهندسية مثل الرسوم البيانية والنماذج
الرياضية والمحاكاة. يصف سيلفرن منحى النظم الذي ينطلق أساسا من نظرية النظام
بأنه التطبيق الذي يعني بالتحليل والتوضيح لكل ما يتعلق بالنظام. فعملية التحليل
كما هو معروف تفصيل وتجزأة الكل إلى أجزائه الأصلية للتوضيح والمساعدة في فهم
العلاقات بين هذه الأجزاء بعضها مع بعض والعلاقة بينها وبين النظام بشكل
عام.
إن الأسس
التي تقوم عليها عملية التحليل وكما يوضحها سيلفرن تشمل كل من التعريف وإيجاد
العلاقة والفصل والتحديد. بينما يوضح بلوم عملية التحليل حيث يقول أنها تؤكد تجزئة
المواد إلى مكوناتها وتحرى العلاقات فيما بينها والطريقة التي تنظمها مع بعضها
البعض لتكوين تلك العلاقة فيما بينها. ولتوضيح ما أورده كل من سيلفيرن وبلوم لنقم
بالتطبيق على اثنين من العناصر التي تدخل ضمن مفهوم تكنولوجيا التعليم والتي
يوظفها المصمم عند تصميمه البرامج التعليمية وهما التحليل والجمع.
1. التحليل:
نورد
المثالين التاليين المتعلقين بعملية التحليل
§ تحليل المهام في التعليم حيث يتم تجزئتها ومن ثم تحليل
هذه الأجزاء لتطوير مفهومنا فيما يتعلق بما نسميه بعملية أداء
المهمة.
§ تحليل خصائص المتعلم لمعرفة أساليب التعلم المفضلة لديه
ومستوى الذكاء لديه وخبراته السابقة وغيرذلك من الخصائص.
2.
الجمع:
ويقصد بالجمع هنا عملية ربط عناصر لاتوجد بينها علاقات مع بعضها البعض لتشكيل
علاقات جديدة ذات معنى وبالتالي من أجل تكوين نظام جديد. ففي عملية التصميم
التعليمي يحدث الجمع خلال مراحل التصميم والتطوير والتي يتم فيها جمع المحتوى
التعليمي وطريقة التدريس والمصادر مثلا.
العلاقة
بين تكنولوجيا التعليم ومنحى النظم
بناء على ما تم توضيحه فيما يتعلق بمنحى النظم وكذلك على ما تم تقديمه فيما يتعلق
بتكنولوجيا التعليم والتي تعني بالنظرية والتطبيق المتعلقة بالتصميم والتطوير
والتنفيذ والإدارة والتقييم لعمليات ومصادر التعلم فإن العلاقة مترابطة بين
تكنولوجيا التعليم ومنحى النظم وكلاهما يصب مباشرة في عمل ما أصبح يعرف بالتصميم
التعليمي الذي يعتمد على الطريقة المنظمة لتصميم البرامج التعليمية التي تعتمد
على الإبداع والأداء والتفاعل من خلال اتباع خطوات محددة تشمل التحليل والتصميم
والتطوير والتنفيذ والتقييم (نموذج ديك وكيري للتصميم التعليمي). فلو أخذنا عمليتا
التحليل والجمع السابقتين واللتين تشكلان المكونان الأسيان لنظرية النظام لنجد
هاتين العمليتين تدخلان في صلب خطوات التصميم التعليمي التي تشكل مفهوم تكنولوجيا
التعليم. وكنتيجة لهذه العلاقة التي تربط نظرية النظم والتصميم التعليمي وتكنولوجيا
التعليم ظهر ما أصبح يعرف باسم تصميم الأنظمة التعليمية.
نستطيع القول أن منهجية منحى النظم تتمثل في خطوات يتم اتباعها من قبل المصممين
الذين يقومون بتصميم البرامج التعليمية لمراحل تطوير البرامج التعليمية. وتشمل هذه
الخطوات تحديد الأهداف وتحليل المصادر وتطوير خطط العمل
والتقييم والتعديل المستمرين للبرنامج. ولتوضيح ذلك لنأخذ المثال التالي الذي يمكن
الاستفادة منه في تحديد احتياجات المدارس من البرمجيات الحاسوبية بصورة منهجية
دقيقة.
فكما نعلم فقد أصبحت الأسواق مليئة بالبرمجيات التعليمية الحاسوبية والتي تتفاوت
في جودتها وفعاليتها فيما تقدمه للعملية التعليمية وبالمقابل فإن أجهزة الحاسب
أصبحت متوفرة ولو بمستويات مختلفة سواء في مدارسنا أو في منازلنا. إن عملية اختيار
مثل هذه البرمجيات يجب أن يبنى على أسس علمية بحيث تسهم عملية الاختيار هذه في دعم
ما تقدمه المدارس ويعزز عملية التعلم وفقا لما يقدمه المنهاج. فلو اعتمدنا على
جهود كل مدرسة في اختيار وشراء البرمجيات الحاسوبية فمن المأكد أن نواجه العديد من
المشاكل التي من ضمنها:
· زيادة أعباء المدرسة فيما يتعلق بالجهد والوقت لعملية
الاختيار.
· زيادة أعباء المدرسة المادية بسبب زيادة أسعار البرمجيات
وعدم الاستفادة من خصومات شراء الكميات الكبيرة من المصدر.
· عدم الوصول إلى الدقة في الاختيار كون العملية
فردية.
· عدم الانفتاح على المدارس الأخرى والاستفادة من خبرات
الآخرين في هذه المجال.
عند اتباع
منحى النظم لحل هذه المشكلة فإن جهات عدة تسهم في بلورة حل لها، فالمدرسة ومديرية
التربية والوزارة تشترك جميعها في:
1. تحديد المتطلبات من خلال دراسة مبدئية للموقف
الراهن في هذه المدارس والتعرف على الأسباب التي أدت إلى ظهور الحاجة لاستخدام
البرمجيات الحاسوبية. ويمكن أن يتأتى ذلك من خلال جمع البيانات من المدارس حول
الجوانب المختلفة لهذه المتطلبات واستعراض الحلول المقترحة منها من أجل
تقييمها.
2. اختيار الحلول المناسبة بعد تحليل وتقييم مجموع
الحلول المقترحة.
3. بناء نموذج لاختيار البرمجيات الحاسوبية بحيث
يركز على تحقيق الأهداف المتوخاة من استخدام هذه البرمجيات.
4. الاتصال بالجهات المنتجة للبرمجيات الحاسوبية
والاطلاع على ما لديها من برمجيا تتماشى والبنود الواردة في النموذج والاتفاق على
الكميات والأسعار وطريقة الاستخدام وغير ذلك من الأمور.
5. التقييم المستمر للعملية وتزويد الجهات المعنية
بالتغذية الراجعة من أجل تفادي نواحي القصور وتعزيز النواحي
الإيجابية.
إن اتباع مثل هذه المنهجية يبعد المؤسسات التعليمية عن القرارات الفردية
والاجتهادات الشخصية ويشجع العمل التعاوني فيما بينها لإيجاد حلول للمشكلات التي
تواجهها. فالوصول إلى قرارات من خلال هذه المنهجية يشجع جميع الأطراف على بذل الجهد
وتركيزه للوصول إلى أفضل النتائج مما ينعكس إيجابا على مخرجات العملية التعليمية.
إضافة إلى ذلك فإن هذه المنهجية تسهم في تخفيف الأعباء والجهود التي يبذلها
العاملون في المؤسسات التعليمية وتسخيرها في أمور
اعجبت بتسلسل المعلومات مواضيع كانت مفيدة وشيقه ...كل الشكر والتقدير
ردحذفمشكوره سلمت أناملك
ردحذف